الأحد، 31 يناير 2010

في زاويةٍ من الغرفة .. !



في زاويةٍ من الغرفة .. رَكَنتْ نفسَها هناك ..!
في ظلامٍ دامسٍ محى كل لمحة فنّ من وجهها .. و قتلَ كلّ ذرةٍ من جمال مُحياها .. !

في زاويةٍ من الغرفة .. شعرٌ طويلٌ انسدلَ على وجهها .. مُبللٌ مغرورقٌ ببحيرةٍ من دموعٍ غدَتْ ينابيعَ منهمرة على براءة وجنتيها .. !
في زاويةٍ من الغرفة .. مستقبلٌ مجهول .. و فؤادٌ شبه مقتول ..!
تسلل ضوءٌ من وراء نافذةٍ زجاجية أخذتْ متوسّطها من الغرفة .. ليسري و يقتحمَ خبايا ذلك الوجه الظلوم !
ذلكَ الذي طوَّقتـْهُ بإحكامٍ بين ذراعيها الهزيلتين .. و ألقتْ به بين ركبتيها فغدى وكأنه في غيابةِ جُبٍّ مُظلم الأركان .. لا يُرتجى من ورائه نور .. و لا حتى بصيصٌ منه !
ترفع وجهها بتثاقل و بطئ .. فهي في منظرها هذا أشبهُ بالميّتِ قد قامَ من وراء الحُطام .. !
بل و كأنها روحٌ من شبح .. بل رمادٌ من حُطام .. !
تلتقي عيناها المظلمتان بنور ذاك القمر .. ليُشكّلَ ذلك المنظر أقوى و أمثلَ صورةٍ للطباق في تاريخ اللغة !
فكيف لذلك الظلام الحالكِ القاسي أن يلتقي ذاك النورَ الوديع ..!؟
ما أبشع المقارنة .. و ما أقوى التضاد !

تحاوره تقول :

- أتحاول أن تُخرجني من غيابةِ ظـُـلـُماتي ؟! ويحكَ لن تستطيع !
- بل جئتُ لأفكّ قيودَ أسرٍ طالَ به الزمان .. أما ترينَ ما فعله بك ؟! غدَوْتِ أقربَ للموتِ منه إلى الحياة !
- و ما شأنكَ و شأن موتي ؟! إن أُسِرْتُ فذاك قدَري .. و إن متُّ فذاك مصيري !
- بئس التفكير الذي تحملين .. و خابَ ظنّكِ الذي تظنين !!
- ويحكَ ماذا تقول ؟!
- أيا شُؤمًا .. فلتعلمي .. أنّ قدركِ هو أن تُقاومي ذلك القدر .. حتى يأتيكِ من المولى الفرج !
و أما مصيركِ .. فهو القتال بضراوة .. ومُكابدة الحياة و مُصارعتها .. إلى أن يقضيَ اللهُ أمرًا كان مفعولا .. و يندثرَ ذلك الجسدُ في خبايا التراب .. !
- ولِمَ المقاومة .. و لِمَ كلّ هذا القتال .. ؟! لِمَ لا تدعني أموت بسلام ؟!!
- أيّ سلامٍ ذاك الذي به تهذرين .. و روحكِ الحيّة قد دفنتِها في مظالم تابوتِ يأسك و جهلك ؟!!
- و لكني سئمت .. سئمتُ يا نوري .. سئمتُ مظالمَ الحياة سئمتُ نوائبها ؟! متى الرحيل ؟!!
- ويحكِ .. أولمْ يُخلق الإنسانُ في كـَبَد ؟!! أم أنكِ تجهلين الحكمة الربانية من وراء الخلق ؟!
فلتعلمي أنه ما من رحيلٍ حتى ينقضي الأجل .. نعم .. فـ " لِكُلّ أجلٍ كِتابٌ " .. !
- و آلامي ؟!
- صارعيها .. وحدكِ بعزمكِ و إصراركِ و روحكِ المتفائلة تستطيعين التغلب عليها .. و العيش بسلام :)
و ثقي بأن الرحمن لن يضيعكِ ;)

اعذريني .. فقد حانَ وقتُ الرحيل !
- لحظة .. رجَوتُكَ لا تدعني !
- بل سأدعُ لكِ نورَ الصباح يُكمل معكِ المسير .. فنوري ما هو إلا "تقزورة" .. لوقتي الراكد .. أما نورُ الصباح .. ففيه الإخلاص و العمل الدؤوب .. بإشراقة دافئة .. تحمل بين حناياها كلّ معاني الحياة .. فلتكن انطلاقتكِ منها ;)
- و أنت ؟! ما العمل بين أرجائك ؟!
- دعيني لمناجاتكِ .. لكفيكِ تـُرفع للتواب الرحيم .. تسأله التوبة النصوح .. فوَقتي هو وقت التائبين العائدين .. الأوابين المنيبين .. لا يُخذلُ فيه سائل .. و لا يُرَدّ فيه داعٍ .. !

فليكن في وقتي غذاؤكِ الروحيّ .. و في النهار قوة و نشاط مُستقاة من ذاك الغذاء ;)


دُمتِ بـ نور =")




هناك 24 تعليقًا:

BookMark يقول...

ولِمَ تركن نفسها هناك؟!
ولِمَ تقتل كل جمال ؟!

لمصيبةٍ ألمـّت بها؟
أم لسوء حظٍ يحتويها؟؟

دارنا دار مصائب وابتلاءات
ليس هناك من لا يعاني .. ولا يتألم ..

فلترفع رأسها قليلا
ولتنظر لذلك النور البعيد

كم سيكون قريبا لو أرادت ذلك..
وكم سيسارع بانتشالها من مستنقع أحزانها ..

صدقتِ .. ليس قدرها بأن تفعل لا شيء .. بل هو أن تتحرك وتفعل كل شيء !!

أديبتي ..
كم انتشينا بنصك هذا
كنا متشوقين لعودة قوية..
وجاء إبداعك في وقته :)

ولكم باك .. بعد الاختبارات :)

Engineer A يقول...

نص رائع ..

بصراحة انتي متمكنة من اللغة العربية وانتقاء المفردات وتوظيفها بشكل جميل جداً ليظهر لنا نص مذهل مثل هذا ..

دمتي بخير عزيزتي :)

اقصوصه يقول...

نجحت حروفك في نسج لوحه جميله

متقنه بمهاره تدل على دقة من ابدعها

لك ودي :)

جنون الصّمت يقول...

أحسست حال قراءتي لروعة تلك السطور
بأنني بطلةٌ تعتلي خشبة مسرحٍ مُظلم .. كظلام زاوريتها .. !

وتارة أُخرى أحسست أنني أتجول في عالمٍ من الغموض تُكشف أسراره شيئاً فشيئاً ..

كلماتكِ لامست أحاسيسنا وداعبتها ..

عظيمةٌ أنتِ في حرفكِ .. !

هنيئاً للأدب نبضٌ كالذي أنتِ ;)

احبج فريجتي :****

نبضُ الأدب يقول...

:: BookMark ::

صدقتِ .. ما مِنْ شيءٍ يستدعي الركون في مستنقع الظلام .. و الشعور بالإحباط و اليأس .. بسبب مصيبة قد تمر بالكثير !

لكني أرى صنفًا من الناس كذا .. !
كأنهم وحدهم الذين ابتلوا في هذه الدنيا .. أو كأن مصيبتهم هي الأشدّ عظمة و وقعًا على القلب !

بأبي هو و أمي .. محمد بن عبد الله
خير البشرية قاطبة .. قضى الطفولة بين العُدم و اليُتم .. و قضى الشباب بين عظمة تبليغ الدعوة .. و ما ترتب عليها من إيذاء الكفَرة له ..
موت زوجه خديجة .. و موت ولده إبراهيم .. و قبله القاسم و عبد الله !
وغيرها الكثير الكثير ..
إلا أنه كان في كل ذلك مثالاً للمؤمن الصابر .. لأن أجر الصابرين عظيم :)

لا أعتقد أن مصائبنا أشد وقعًا على القلب من مصائبه ـ عليه الصلاة و السلام ـ !

حريّ بنا أن نصبر و نـُصابر =)

بوك ماركي ;)
و كم أسعدني عبقُ مروركِ .. نثرتِ العبيرَ هُنا .. فشكرًا و شكرًا ^^

عظيمُ حُبي :***

نبضُ الأدب يقول...

:: Engineer A ::

أهلاً بالمهندسة ;)

يا رائعة .. كفاكِ لقد أخجلتِنا و تواضعنا :$

و بصراحة .. مروركِ يُسعدني دومًا ^^

شكرًا إنجنيرة .. أنرتِ و آنـَستِ =>

نبضُ الأدب يقول...

:: اقصوصه ::

و نجحت كلماتكِ الرقيقة في اقتحام أحاسيسي و إضفاء جوّ من الروعةِ هنا .. !

لكِ شكري و ثنائي :)

نبضُ الأدب يقول...

:: مجنونتي الصامتة ::

و أحسستُ حال قراءتي لأسطرك .. بأنني غدوتُ شكسبير .. و ما أنا بذلك !

و جنون حرفكِ ألهبني .. فلم أعُد أدري بماذا أردّ .. !

أحيَيْتِ كلّ أحاسيس الخجل لديّ =$

دُمتِ مجنونةً لـ حُبي .. نبضـًا لفؤادي !

و دُمنا فريجات pP;

المحامي يقول...

خاطرة ممتازة ، تحوي ألفاظ عديدة مع توظيف حسن للمفردات ..

نأمل لكِ مستقبلا باهرا في اللغة العربية

وفقكِ الله

نبضُ الأدب يقول...

:: المحامي ::

شكرًا لكم .. و شكرًا لآمالك .. فهي طموحي و ما أصبو إليه

أعاننا الله جميعًا على السموّ بالعربية .. فهي لغة الكتاب الذي على نبينا أنزل !

مروركم أسعدني جدًا .. فشكرًا مرة أخرى
وفقكم الله ..

ألـوان التفاؤل ~ يقول...

أمر المؤمن كله خير .,
ركونها في تلك الزاوية واحساسها بذاك الالم .. قادها للصواب .. قادها لتدرك مصير الآلام المشرق وقادها لاهمية الليل :")

كلماتكِ رصينة ، مُـتقنة ، مُختارة بعناية !
الوصف مبهر ، الترابط جميل

ماشاءالله ..

سَلِم اليـراع ودام ابداعكِ .,

نطمح لقراءة المزيد ;-)

Slashy يقول...

عجيييبه حدها روعة

أنا ما أعرف أكتب جذي ولمن أتكلم لغة عربية أصير جني نبيل العوضي مره كويتي ومرة لغة عربية بنفس الجملة ;P

لغتج العربية ممتازة.. ماشالله

نبضُ الأدب يقول...

:: ألوان التفاؤل ::

نعم صدقتِ .. كلّه خير =")

شكرًا لإطرائك .. فوق ما نستحق عزيزتي ..

و دُمتِ جميلة بمرورك ^^

كوني بالقرب .. و أعدكِ بالمزيد ;)

نبضُ الأدب يقول...

:: Five\Four ::

حبيبتي إنتي الأروع .. بتكسف كده pP;

لووول .. ترى الممارسة تلعب دور !
جربي .. و يا رب نشوفج بلبل بالفصحى و أديبة أد الدنيا =>

تسلمين بعد عمري من ذوقج ;**

مرورج زوغة مثلج .. لا تحرمينا ^^

may يقول...

وصف الفتاة وكيفية جلوسها كأنها تصوير كاميرا..

أعجبتني صياغة التضاد بالطباق..

والأجمل الرسالة التي تضمنتها كلماتك ، وحسن الاستشهاد بالآيات.

استمتعت بقراءة النص لولا كلمة " تقزورة" التي خدشت جماله..

وإلى الأمام دوما
:)

نبضُ الأدب يقول...

:: مي ::

حقيقةً .. سُعِدْتُ جدًا حالَ قراءتي لاسمكِ يُنيرُ الصفحة هنا ^^ أنتِ رائعة ..

كلماتكِ تشعرني بالخجل .. و هي أكيد وسامٌ أضعه على صدري .. شكرًا لكِ :$

احم .. نأسف على الكلمة .. أعدكِ أن يكون النص في المرات القادمة فصيحًا بحتـًا =>

و شكرًا لكِ دومًا .. أنيرينا بوجودك ;)

ReLaaaX يقول...

ياسلاااااااااااااام !

صراحة أول مره أزور البلوق وبإذن الله ماراح تكون الزيارة الاخيرة :))


صراحه استمتعت بالحوار

نبضُ الأدب يقول...

:: ReLaaaX ::

أهلاً و سهلاً و مرحبًا بمن زار D=

و صراحة .. سُعِدْتُ جدًا جدًا بهذا التواجد اللطيف .. أنرتِ المدونة عزيزتي =>

كلماتكِ لطيفة جدًا .. أخجلتِ التواضع لدينا :$

شكرًا و شكرًا ^^

امرأة في زمن الرجال ! يقول...

في زاوية الغرفة.. كثيراما جلسنا نحن.. وكثيرا ما جلسنا مع غيرنا وشاطرناه الحزن..

هل تعلمين ؟!

أظنه لا بأس من أن نركن أحيانا زوايا الغرف.. واظنها لأجل ذلك صُنعت زوايا ! أليست كذلك ؟!

:)

نعم..

لأجل أن تحتضنا حين وحدتنا ..

:))

شكرا لنصك الرائع عزيزتي

نبضُ الأدب يقول...

:: امرأة في زمن الرجال ! ::

أولا ترَيْنَ أنّ جلوسها في زاوية من الغرفة .. كان ممهدًا لأنْ تهتدي إلى النور .. الذي ألهمها الصواب =) !

إذن .. أكيد لا مانع من الجلوس في زوايا الغرف .. و الاختلاء بالنفس قليلاً .. إن كان ذلك سيثمر عن تصحيح الأخطاء .. و استبدال الحال إلى الأفضل =)

كم سُعدتُ بهذا التواجد الرائع عزيزتي .. تشرفت المدونة بمرورك =>
شكرًا ^^

لولا الأمل يقول...

يُضخ الحزن في شريان الكلمة عند نبض حرفك !

وتُسمعُ للآه سنفونية نسجها حرفك !

على كثر الألم هنا .. كل كثر اعجابي بما خطته يداك

الأمل موجود : )

نبضُ الأدب يقول...

:: لولا الأمل ::

أكيد موجود .. لولا الأمل ما بقى في الدنيا رجا =)

شكرًا لـ لَباقةِ حرفك ..

welcome back ^^

روان العبد الله يقول...

.
.
نبض
المناظرة بين الأمل واليأس
بين الظلام والنور

مشاهد تتكرر على مسارح حياتنا كل يوم

تتنازع أيها يستطيع أن يستحوذ على دور البطولة وينجح في قيادة حياتنا وفقًا لمبدئه !



أرجو لك انتصاراتٍ أملٍ لا تنتهي
ونجاحات من نورٍ لا يخبو


شكرًا

نبضُ الأدب يقول...

:: روان العبدالله ::

و رجاؤنا دومًا أن تكون الغلبة للأمل و النور =)

شكرًا لعُمقِ حروفكِ ^^

سُعدتُ حقـًا بهذا التواجد الجميل =)

جزيلُ شـُكري و تقديري :")